كنيسه القيامه

«كنيسة القيامة»

بقلم: مريم هاشم.

كنيسة القيامة أو كنيسة القبر المقدس أو كنيسة قسطنطين ، كلها مسميات لواحدة من أكثر الكنائس المسيحيه أهمية لأنها صاحبت روعة المعماريه فهى إلى جانب قداستها وكونها مقصد للحجاج المسيحين بناء عظيم إحتوى على عدد كبير من الكنائس الأصغر حجماً ولكل واحدة منهم قصة خاصة وبناء مختلف حوى بين طياته روعة معمارية خاصه.
التأسيس والموقع:

تم تأسيس كنيسة القيامة فى عهد الإمبراطور قسطنطين عندما قام بإرسال قسيس يدعى ”اوستاتيوس“ من القسطنطينيه للبدأ فى بناء الكنيسة ، وكلف مهندس يدعى ”زنوبيوس“ لبنائها.

وقدأ تم البدأ فيها سنة ٣٢٦م وأفتُتِحت سنة ٣٣٥م.
أما بالنسبة للموقع فكنيسة القيامة تقع فى قلب البلدة القديمة لمدينة القدس ، وهى من أشهر الأماكن المسيحية المقدسة على مستوى العلم وليس على المستوى المحلى لمدينة القدس فقط .

وقد كان أصل الموقع عبارة عن محجر قديم غير مستعمل ، تم إستخدامه فى أوائل القرن الأول الميلادى كمكان للصلب والدفن ، وقد سمى هذا الموقع لاحقاً بإسم الجمجمه أو الجلجلة ؛ لأن الصخرة التى صلب عليها السيد المسيح كما تشير المصادر المسيحية كانت تشبة شكل الجمجه ، فعلى حسب إنجيل يوحنا أن القبر المقدس الذى دفن فيه «السيد المسيح» كان قريباً من المكان الذى صُلب فيه. 
ومسمى كنيسة القيامة يرجع إلى مقر قيامة المسيح بعد موته ، إضافه إلى موقع صلبة ومعاناته وقبرة حسب العقيدة المسيحية .
وأهمية كنيسة القيامة ليست راجعه إلى القيمة الدينية واللاهوتيه للموقع فقط ، بل يضاف إلى ذالك تمتعها بتاريخ حافل ، ومميزات معمارية وفنية قيمة ، فهى فى الواقع مجمع معمارى كبير يضم مجموعه كبير من الكنائس الصغيرة.

الأطوار المختلفة التى مرت بها كنيسة القيامة (كنيسة القبر المقدس) :

• فى عام ٦١٤م خرّبت الكنيسة على يد الفرس شأنها شأن الكثير من كنائس فلسطين فى ذالك الوقت ، لذا قام البطريرك ”مودستوس“ Modestus بالتوجه إلى القسطنطينيه وعمل على إعادة ترميمها دون تغير كبير فى الحجم لكن بحجم أصغر من السابق.

• وكنيسة القيامة هى الكنيسة التى رفض «الخليفة عمر ابن الخطاب» أن يصلى بها عندما إقترح عليه ”البطريرك صفرنيوس“ ذالك وقد حان موعد الصلاة عندما كان الخليفة بداخلها ؛ وعلل لرفضه بأنه خشي أن يحذو المسلمين حذوة فيما بعد فيسيطروا على الكنيسة ، وعلى ذالك تنحى الخليفه عمر من الكنيسة وإتخذ موقع فضاء فصلى فيه ، وبنى عليه مسجد فيما بعد حمل إسم الخليفه ، ويكفى هذا الموقف لتوضيح العلاقات الإجتماعية بين المسلمين ونصارى القدس ، التى ظلت قائمه فيما بعد إلى عهد الخلافة الفاطمية حتى زمن الخليفه الفاطمى ( الحاكم بأمر الله) ٤٠٠ه‍/١٠٠٩م حين أمر بهدم كنيسة القيامة ، لاكن مالبث أن أعاد إبنه ”الظاهر“ بناء القبر المقدس سنة ٤١٨ه‍/١٠٢٧م وإستمر الإصلاح طيلة السنوات ١٠٤٢_١٠٤٨م وكان ذالك بمعونه خارجية من الإمبراطور البيزنطى (قسطنطين منوماخس) ، ومع طول هذه المدة إلا أن الترميم لم يكتمل وفُقدت أجزاء من مخطط قسطنطين.
• وعن الكنيسة فى عهد الفرنجة ففى فترة سيطرتهم على القدس وفلسطين ، قاموا بإجراء التعديلات والإضافات على كنيسة القيامة تمثلت فى :

°بناء دير للكاهن (Canons) فى عام ١١١٤م..

°بناء نسخه مطابقة مجدده من قبر السيد المسيح فى عام ١١١٩م.

°بالإضاقه إلى ذالك قام الفرنجه بعمل مشروع كبير غير من تخطيط كنيسة قسطنطين بصورة كبيرة ، وقد إشتمل على عدة أعمال منها إقامة كنيسة جديدة تعرف بـ”كنيسة نصف الدنيا Catholicon“وذالك فى عام ١١٤٩م.

وبالرغم من التغير الكبير فى مخطط الكنيسة إلا أنها حافظت على أبرز عناصر قداستها المتمثلة فى (القبر المقدس ، موقع الصلب).

°وكان هذا المخطط الذى قام بهِ الفرنجه هو الذى شهده القائد”صلاح الدين الأيوبي“ بعد تحرير القدس من أيدى الفرنجه فى عام ١١٨٧م ، وقد حذا القائد صلاح الدين حذو الخليفه عمر بن الخطاب فى تسامحه وتفهمه للنصارى وحقوقهم.

الوصف المعمارى لكنيسة القيامة:

ساحة المدخل:

فى بداية يتم الدخول لساحة الكنيسة عبر باب مزدوج يفتح على جهة الجنوب ويطل هذا الباب على مساحة مستطيله مكشوفه ، ويشغل هذاه المساحة من جهة الجنوب ثلاثة كنائس يعود تاريخها إلى القرن الـ١١ وهى ملك للروم واليونان ، وأسماء تلك الكنائس هى:

١_كنيسة الأربعين شهيداً وبرج الجرس
٢_كنيسة يوحنا المعمدان
٣_وكنيسة القديس يعقوب
وفى شمال تلك المساحة نجد ثلاثة أديرة ، وأسماؤها بالترتيب من الجنوب للشمال.
١_دير أبينا إبراهيم وهو ملك للروم واليونان ويعود تاريخه إلى القرن الثانى الميلادى.
٢_دير يوحنا المعمدان وهو للأرمن.
٣_دير ميكائيل وكان بيد الأقباط ولكن الأن مختلف عليه مع الأحباش.
° ويوجد بجوار دير ميكائيل كنيسة صغيرة تعرف بكنيسة الإفرنج ، وكلمة الإفرنج تعنى الصليبيين ، ما يعنى أنها بُنيت من قبل الصليبيين لتكون مدخلاً مباشراً لموقع الصلب”الذى يُعتقد أن السيد المسيح صُلب فيه“.

المدخل الخارجى لكنيسة القيامة:

للكنيسة من الخارج مدخل ضخم على إرتفاع مستوى طابقين ، القسم الأول عبارة عن فتحى باب (باب مزدوج) جزئه الشمالى مغلق ، ويعلو هذه الأبواب عتب حجرى ضخم(يشبه نصف شكل بيضاوى مقلوب) نُقِش عليهما زخارف بالحفر البارز تصور أحداث ف. العقيدة المسيحية.

الجلجلة (مكان الصلب) و المغسل :

تأتى الجلجلة بعد تخطى المدخل ، حيث يوجد فى شماله درج صاعد مستحدث يوصل إلى مكان الصلب.
وفى مقابل هذا الدرج الصاعد يوجد درج نازل يوصل إلى حجر المغسل وإلى كنيسة أدم التى يستند تسميتها إلى التقليد المعروف فى المسيحيه من أن المسيح مات حيث دفن أدم عليه السلام.
ويوجد إلى الغرب من حجر المغسل جدار حجرى يفصل المدخل عن كنيسة نصف الدنيا ، والقسم السفلى من هذا الحائط تم تزينه حديثاً بفسيفساء توضح صلب المسيح حسب العقيدة المسيحية وإنزاله من على الصليب والإستعداد لدفنه.

قبة كنيسة القيامة :

بالإتجاه إلى الغرب من ساحة المدخل توجد القبة الحجرية ، وقد زُينت هذه القبه بإثنا عشرة بتلة طُليت بماء الذهب ترمز إلى حوارى المسيح الإثنا عشر.

القبر المقدس:

يأتى بعد ذالك مكان القبر المقدس وهو مبنى حجرى وردى اللون يظهر عليه الضخامه والتكتل ولا تتناسب مع البساطه التى تذكر فى الأناجيل لوصف القبر ، لذا يحتاج المرأ للخيال ليتبين حال هذا القبر قبل أن تمسه أيادى التطور والتغير.
كنيسة الأقباط وكنيسة السريان:

تأتى كنيسة الأقباط مباشرة خلف القبر المقدس مجاورة له ، ويقابل هذة الكنيسة فتحة مدخل تؤدى إلى كنيسة السريان وهى فى حاجة ماسة للترميم بسبب وضعها السئ.

حبس المسيح وكنيسة نصف الدنيا:
وبداخل كنيسة القيامة توجد غرفه تسمى بحبس السيد المسيح إستناداً إلى رواية ظهرت فى القرن الثامن تفيد بأن المسيح قد حبس فى هذا المكان مع اللصين بينما كانت الصلبان تجهز لهم.
أما عن كنيسة نصف الدنيا فتوجد إلى الشرق من صفا الأعمدة وسبب هذه التسميه راجع إلى كونها بُنيت فى منطقه متوسطه بين موقع الصلب (الجمجمه) ، وموقع الدفن والقيامة (القبر المقدس) أى أنها تقع بين الموت (الصلب) والحياة (القيامة) فهى نصف الدنيا.

كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة إيجاد الصليب:

وتوجد كنيسة القديسة هيلانه فى الطابق السفلى من كنيسة القيامة.

حادثة نور القبر الإلهى:

ومن ضمن أهم الأحداث المتعلقة بكنيسة القبر المقدس هى حادثة النور المقدس ، وقد كانت هذة الحادثه فى عهد ”إبراهيم باشا“ ابن ”محمد على باشا“ عندما كان حاكماً لبلاد الشام ، وقد سمع عن إحتفالية ”سبت النور“ وأن هناك نور مقدس ينبعث كل عام فى ليلة سبت النور من القبر المقدس للمسيح عليه السلام ، وقد أراد التأكد من صحة هذا الخبر فبعث البابا بطرس السبابع فأكد إليه صحة هذا القول ، ومن هنا قرر (إبراهيم باشا) أن ينتقل إلى القدس للوقوف على صحة هذا الخبر وقد توافق حكمه لبلاد الشام مع قدوم «سبت النور» ، وقد طلب من البابا بطرس السابع مباشرة خروج النور المقدس من القبر المقدس إلا أنا البابا بطرس أخبره أن هذا من حق بطريرك أورشليم للروم الأرثوذكس ، لاكن إبراهيم باشا طلب منه أن يشترك معه فى الصلاة.
ولما حان الوقت المحدد للصلاة دخل البطريركان مع الباشا القبر المقدس وبدأت الصلاة المعتادة وفور إنتهائهم منها، إذا بالنور ينبثق من القبر المقدس بشكل أرعب الباشا وأوقعه فى ذهول عميق حتى كاد يسقط على الأرض وهو يهتف قائلاً ’أمان بابا أمان‘ ، فأسعفه البابا بطرس حتى أفاق ، وقد إنشق أحد أعمدة باب القيامة الغربي وقد رآها الشعب الذى كان بخارج الكنيسة ، ولازالت صورة العمود المشقوق قائمة إلى هذا الوقت.

تعليقات